السبت 23 نوفمبر 2024

بغرمها متيم فاطيما يوسف

انت في الصفحة 17 من 93 صفحات

موقع أيام نيوز

لها نصل الشفاء من الألم يكن لها صدرا حنونا ترمي هموم الدنيا بداخله ولا يزهق أبدا 
شملها بنظرة هائمة من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها بردائها الأحمر ونظارتها ذو السلاسل المتصلة بأذنها أعطتها بهاءا من الأناقة لايليق إلا بها أما هي لم تشعر بوجوده نظرا لانهماكها في العمل بتركيز شديد فهي قد وجدت في العمل ملاذا حقيقيا لم تجده في اي شئ حولها 
أما هو نطق لسانه وهو ينظر لها بوله 
لقد وجدته أخيرا
رفعت أنظارها إليه وهي تردد باندهاش 
هو ايه ده يافندم اللي وجدته في حاجة ضايعة منك 
أجابها بعبث وهو ينظر إلى السقف وملامح وجهه تدل على مشاغبتها 
المصباح الذي أنار حياتي
رفعت حاجبها هاتفة بنبرة استنكارية وهي فهمت معنى نظراته 
والله يافندم! 
وأكملت بنفس مشاغبته 
طب حاسب لايزغلل عنيك من كتر نوره 
اقترب منها وأسند بكلتا يديه أمامها قائلا بثقة
متقلقيش علي عيوني دول يدوبوا الحجر ويخلوه يلين وخليكي شاهدة علي كلامي بس
توترت من اقترابه وحصاره لها فمنذ أن وطئت قدماها ذاك المكتب من أول لحظة وهي ترى نظراته الغريبة لها وكأنه يعرفها منذ أعوام وأن تلك المقابلة ليست الثانية بينهما 
بين الحين والآخر تلمحه بطرف عينها منتبها بتركيزه معها مما أشعرها بالغرابة تجاهه من عدم فهم تلك النظرات 
استمعت إلى كلماته الأخيرة ثم رددت بنفس طريقته العابثة بسبب عدم فهم مغزى كلماته
هو في ايه يامتر عاد ! حاسة إن عينيك مشيفاش غير مصباح واحد مع إن الدنيا مليانة مصابيح بالكوم وكلهم بالألوان دلوك متعرفش تختار ايه ولا ايه
انتصب بوقفته وأجابها وعيناه تدور بالمكان ولسانه يتحدث بثقة اخت رقت حصونها 
له أصل عيني مبتحبش أي ألوان اكده وخلاص له فيه مصابيح بتنور لوحدها اكده ويا سلام بقى لو النور قطع تلاقي ضوء الشمس خلاهم نوروا تاني
نظرت إلى الأوراق التي أمامها وبدأت بسرد المواعيد المحددة له في ذاك اليوم كي تهرب من الحوار بتلك الطريقة معه فهي ليس لديها أي استعداد لمجاراته 
حضرتك عنديك معاد مع مدير شركة المواد الغذائية الساعة اتنين وبعدها معاد البشمهندس جمال تحب أزود مواعيد النهاردة ولا أستكفى بإكده 
رأى تهربها من الحوار معه فاحترم ذلك فهو يحبذ التعامل بهدوء دون تسرع فهو قد مر بتجربتين مريرتين له ولكن خسارة تلك المها بالنسبة له لم يتحملها فهو قد حلم بلقاها من مجرد صورة فقط رآها وما إن رآها وسمع صوتها وطريقتها الرقيقة وتجسدت أمامه صوتا وصورة حقيقة وقع قلبه في سحر عينيها ثم تحمحم قائلا وهو ينظر إلى ساعته 
أمممم له كفاية اكده علشان عندي معاد برة النهاردة وعندي كمان مرافعة مهمة بكرة إن شاء الله وعايز أراجع القضية كويس جدا 
وأكمل بجدية وهو يحمل حقيبته ويدلف إلى مكتبه 
ابعتي لي القهوة بتاعتي وياريت تكون سادة من غير سكر خالص لأني عايز أبطله خالص وبالتحديد مع القهوة
حركت رأسها بموافقة ثم تحرك من أمامها ودلف إلى مكتبه أما هي طلبت له القهوة كما يريدها ثم رجعت إلى عملها مرة أخرى تتابعه بجدية ونشاط ونسيت كل الحوار الذي حدث بينهم الآن فقد فهمت ماذا تفعل بكل سهولة ولم تشعر بصعوبة العمل معهم كما ان منة الله تتعامل معها وكأنهم يعرفون بعضهن منذ سنوات وليس بضعه أيام فشعرت مها بأنها اخذت على الجو بسرعة من مجرد يومين فقط
ايه ياشيخة واخدة الجمال اللي في الدنيا كله لحالك اكده كتير علي والله
ثم هدأ من مشاعره الثائرة داخله وبدأ الإندماج في جو العمل كي يتناسى وجودها قليلا وبعد مرور عشرة دقائق دلفت اليه بالقهوة التي طلبها وهي تقدمها له بكل هدوء مصاحب للإحترام 
اتفضل يا فندم قهوتك في اي طلب تطلبه تاني أجيبه 
تعرفي مختلفة خالص عن كل مرة وكانها معمولة مخصوص عشان تكيف الدماغ ما عرفش اشمعنا المرة دي بالذات
اندهشت من طريقة حديثه ثم سألته وهي لم تفهم مغزى كلامه 
مش عارفه حاسة ان طريقة كلامك اكترها ألغاز ممكن افهم معنى كلامك يا متر 
ابتسم لعدم فهمها ثم ارتشف من قهوته بتلذذ واجابها وهو يشير باصابعه على فنجان القهوة الذي وضعه امامه 
ما انت ركزي كويس معايا ومع كلامي وانت هتفهمي مقصدي اني بتكلم عن القهوة
رفعت حاجبها لذاك الماكر والتي بدات للتو فهمه ثم حركت راسها للامام وهتفت بطاعة كي لا تدخل في حوارات لا تستطيع مجابهته بها الآن 
تمام يا فندم هاخد بالي بعد اكده عن إذنك
ابتسم لها بملامح هادئة ثم اذن لها وبدا بارتشاف قهوته بتلذذ لشعوره ان تلك اليدين
الناعمتين لمستها فقط 
ولكن ماذا بك ايها الجاسر 
اهدا يا رجل واعط لقلبك فرصة التأني ولا تتعجل فتلك المها وما وراءها لن يسرك ابدا
فى هدوء الليل والسكون الذى نأوى اليه كل ليلة يتجمع ما بنا من أحزان وآلام موجعة وصرخات دموع وذكريات مؤلمة نتمنى أن نتناسى تلك الأحزان ونبحر سويا الى
عالم الحب والطمأنينة فقد سئمت قلوبنا عڈاب اليأس والاستسلام فالليل هو قلب وروح ودمعة 
فالليل مرآة تقلب فيها ناظريك لعلك
تجد نفسك على صفحتها كما خلقك الله إنسانا ضعيفا محتاجا إليه 
يجلس ذاك الفارس في شرفته وهو يستند على كرسيه الهزاز وبيده ذاك الحساء من النبيذ الذي يتجرعه كل ليلة وباليد الأخرى هاتفه يشاهد ذاك المقطع وهو يتغنى بصفيره وكأنه يعزف على أطلاله باستمتاع لم يسبق له من قبل ومن يسمعه ويراه بهيئته المستمتعة تلك يظن أنه عاشق أو رجل هادئ 
ثم أرسل مقطع الفيديو الى تلك البائسة التى أوقعها القدر في طريقه مدونا أسفله 
شوفي نفسك جذابة جمالك فتاك 
بقولك ايه ماتيجي عندي دلوقتي وأنا أطيرك من السعادة وأوصلك لنجوم السما والقمر وأحسسك أجمل إحساس عمرك ماهتحسيه غير معايا
أنهى تدوين رسالته وأرسلها لها وفور وصولها استلمتها على الفور وقرأت المحتوى قبل أن يتحمل الفيديو فاحمرت وجنتاها خجلا من كلام ذاك الوقح الذي أرسل لها ولم تعرفه فذاك الرقم المسجل برقم خاص لم تعرفه وفور ان تحمل الفيديو فتحته على الفور وشهقت شهقة عالية وهي تضع يدها على فمها تكتمها من هول ما رأت وقد
ض رب الهلع بجسدها ض ربا وكأن أحدهم رماها من أعلى قمم الجبال الى أسفل قمم الأراضيين
انتهي البارت
البارت الرابع
كانت تشاهد الفيديو بإحساس يتنقل بصفعاته الدامية لعائلتها وبلدها ومن قبلهم نفسها رأته بلسان قومها وبعقارب أقاربها وبقلب أبويها الفقراء أصحاب الطبقة أقل من الوسطى وبعين المجتمع بأكمله الذي حتما سيراها فعلتها وهي بكامل وعيها 
كادت
أن تصرخ علها تريح عقلها وجسدها من التحطيم القادم لها ولكنها كتمت شهقاتها إجبارا عنها حتى لا يسمعها أبيها وإخوتها وحتما سيصابون حينها بالفزع من ما سيرونه فابنتهم الطبيبة التى رفعت رأسهم وسط بلدتهم بتفوقها ودخولها الطب وأصبح لقب الدكتورة بنت البواب فخرا لأبيها الذي عانى الويلات كي تصل ابنته إلى تلك المرحلة من العلم وأن يصبح لها شأن والآن يكمل رسالته الأبية الشريفة بعرقه مع باقي أخواتها وما إن وصل عقلها إلى ماسيجنيه أشقاؤها من وراء تلك الڤضيحة وانتهاء مستقبلهم المشرف حتى انهمرت وجنتيها بأنهار من الدمع المكتوم فحتما كانت تشعر الآن بأن قلبها سيكاد
16  17  18 

انت في الصفحة 17 من 93 صفحات